تصنيفات المواد والوسائط التعليمية
سنتناول في هذا الجزء الموضوعات التالية:
(1) تصنيف وسائط ومصادر التعلم تبعا لنوع الخبرة.
(2) تصنيف وسائط ومصادر التعلم تبعا لمجالات الأهداف.
(3) تصنيف وسائط ومصادر التعلم تبعا لتجميع التلاميذ.
(4) التصنيف الثلاثي لوسائط ومصادر التعلم تبعا لخصائص الرسالة التعليمية.
(1) تصنيف الوسائط ومصادر التعلم تبعا لنوع الخبرة:
1-1 تصور لمفهوم الخبرة:
الخبرة التعليمية هي موقف هادف يتم فيه تفاعل بين المتعلم ومصدر من مصادر التعلم أو مجموعة من مصادر التعلم، وعليه تأتى الخبرات من تفاعلات المتعلم مع الأفراد
والأماكن والمواد (Software) والأجهزة (Hardware) بالأساليب التعليمية، والواقع أن هذا التفاعل توجهه الأهداف التعليمية، ونتيجة لهذا التفاعل (الخبرة) ينتج التعلم (التغيرات المقصودة في جوانب سلوك المتعلم، ووظيفة الهدف هي ضبط وتوجيه هذا التفاعل سواء من المتعلم أو المعلم الذي يعد هذه المواقف، والتعلم ينتج من التفاعل بين المتعلم ومصادر التعلم، وعليه يتم التعلم سواء كانت وجهة الأهداف (مقصودا) أو كان بغير أهداف (تعلم بالصدفة)، ولكن ما يهمنا هنا في تصميم التعليم والتدريس هو النوع الأول الذي توجهه الأهداف - أي بالتعلم الذي ينتج من تفاعل المتعلم مع مصادر التعلم بتوجيه من الأهداف التعليمية، ونظرا لهذا التعريف للخبرة من جهة وتعدد مصادر التعلم من جهة أخرى فإننا نتوقع العديد من الخبرات التي يمكن أن نهيئ لها عن طريق تعدد مصادر التعلم، ولفهم هذه الخبرات (المتعلم - مصادر التعلم) اهتم المتخصصون بأنواعها وتنظيمها وفى ذلك عون كبر للمعلم في اختيار مصادر التعلم لتعليمه وتدريسه، وفى الصفحات التالية سنتناول الخبرات التعليمية ومصادر التعلم التي تهيئها، ثم ندرس أحد ونماذج تنظيم هذه الخبرات.
ويوضح هذا التصور لمفهوم الخبرة على أنها تفاعل يتم بين المتعلم ومصادر المتعلم لتحقيق أهداف التعليم:
أ) تتنوع الخبرات وفقا لتنوع مصادر التعلم.
ب) يمكن ترتيب مصادر التعلم تبعا لدرجة التجريد في الخبرة التي تهيئها.
ج) يمكن أن نختار مصادر ووسائط التعلم التي تهيئ خبرات تناسب درجة التجريد التي تناسب المتعلم .
1-2 نظرية تصنيف الوسائط في مخروط الخبرة:
كما سيبق أن ذكرنا ان معظم المتخصصين الذين يحاولون وصف وربط أنواع الخبرة بأنواع مصادر التعلم (الوسائط والمواد التعليمية) يقومون بذلك فى ضوء "مخروط الخبرة" ومخروط الخبرة هذا هو تصور بصري وضعه أحد المنظرين الأوائل في مجال تكنولوجيا التعليم منذ عام 1946 هو "ادجار دييل" (Edgar Dale) (2)، وقد نظم دييل الخبرات فى هذا المخروط بحيث تكون الخبرات الهادفة المباشرة في قاعدته العريضة ثم الخبرات المعدلة أو البديلة حتى وضع في قمته الخبرات اللفظية المجردة، والمخروط هو صورة بصرية تعين على فهم العلاقة بين أنواع الوسائط السمع بصرية ونوع خبرات التعلم.
وكما يقول (ادجار دييل)(3) فإن الناظر إلى المخروط يلاحظ أن كل قسم فيه يمثل مرحلة بين نهايتين - الخبرات المباشرة في جهة قاعدته والمجردة الخالصة في قمته، فالصاعد من قاعدته إلى قمته يتحرك من المباشر إلى المجرد - أي في اتجاه التجريد، كما أن النازل من قمته يبتعد عن التجريد تدريجيا حتى يصل الحسية المباشرة في القاعدة، فالألفاظ أكثر تجريدا عما يليها وهكــذا.
ويقول (يديل) أن مخروط الخبرة هو تصور بصري لخبرات التعلم من المواد السمعية البصرية (مصادر التعلم) من المباشر (Direct) في القاعدة ثم يزداد التجريد كلما ابتعدنا صعودا إلى قمته، وببساطة فإن مخروط الخبرة يساعدنا على فهم العلاقة بين الخبرة ومصادر التعلم عندما تتغير هذه العلاقة وتنتقل من المحسوس المباشر إلى المجرد، شكل (1) يبين مخروط الخبرة وعليه أمثلة من مصادر التعلم (الوسائط والمواد السمعية البصرية).
شكل (1) يتكون من ثلاثة أجزاء، الجزء الأوسط وهو مخروط الخبرة، الجزء الأيسر هو خط له اتجاهين سنسميه (متصل التجريدية - الواقعة)، ومتصل الواقعية هو خط مستقيم له اتجاهين اتجاه يشير إلى الواقعية والاتجاه الآخر يشير إلى التجريدية، وهو يرمز إلى الواقعية والتجريد لخبرات المخروط، أما نوع نشاط تفاعل المتعلم: فهو يمثل ثلاثة أنواع من سلوك التفاعل تتضمنها تلك الخبرات في ثلاثة مجموعات
- الخبرات الهادفة المباشـرة:
وهى تلك الخبرات التي يستعمل فيها المتعلم معظم حواسه، وهى أكثر فعالية وأكثرها جودة، وهى الواقع بذاته يتفاعل فيها المتعلم بالعمل، وهى بذلك تمثل أساس الخبرة، منها يبدأ التجريد في معظم أنواع التعلم غالباً للصغار وأحياناً للكبار.
2- الخبرات المعدلة من الواقعية:
في كثير من الأحيان لايمكن الحصول على الواقعية للتعلم، كما لايمكن إدراكها ككل، أو إدراك العلاقات بينها، لذا نستعمل مصادر للتعلم هي عبارة عن نماذج شغالة (تعمل مثل الأصل الحقيقي - كنموذج الطائرة الذي يطير) والنماذج المصغرة والمكبرة، والعينات والمجسمات بصفة عامة، تلك المجسمات هي واقعية معدلة في الحجم والتعقيد لتصبح قابلة للرؤية وسهلة الفهم.
3- الخبرات الدرامــية:
هناك أشياء لايمكن ممارستها واقعياً كالأحداث التاريخية والمواقف التي حدثت ولا يمكن الحصول عليها، ومن ثم نعمل على استحداثها بشيء من التبسيط والتعديل لتخدم أهدافاً تعليمية محددة من اشتراك المتعلم في هذه الأعمال الدرامية أو مشاهدته لها، وأحياناً تكون ذات فاعلية أكثر من مواقفها الفعلية في أننا نقوم بعزل التفصيلات والأحداث التي ليس لها علاقة مباشرة بأهداف التعلم، وكذا فإننا نركز فيها على الأفكار الأساسـية الهامة.
4- العروض والبيانات العملية:
وهى أداء الأفكار والعمليات والمهارات أمام المتعلم، يتفاعل فيها المتعلم بالاستماع والمشاهدة.
5- الرحلات والزيارات التعليمية:
وهى الزيارات الهادفة والخروج إلى الواقعية، ويتفاعل المتعلم فيها بمعظم حواسه ولكن بصفة أساسية يتفاعل بالملاحظة والاستماع.
6- المعروضـات:
هي مصادر للتعلم يتفاعل المتعلم فيها مع واقعية معدله وواقعية منتقاه حول هدف أو غرض معين.
7- التليفزيون:
مصدر من مصادر التعلم نتفاعل خلاله مع الواقعية إليكترونيا كما تحدث فورياً، ونشاط التفاعل أساساً فى المشاهدة والاستماع.
8- الصور المتحركة:
وهى مصادر للتعلم للواقعية من خلال وسائط الفيلم والفيديو، والفيلم أو الفيديو يمكن أن يكون واقعياً أميناً إذا كان تسجيلياً، ولكن غالباً ما تكون الواقعية من خلال الوسائط معدلة بالمونتاج (Edited) ، ويتفاعل معها المتعلم بالمشاهدة والاستماع وهى سـمعية - بصرية (ليست فورية).
9- الصـور الثابتة:
وهى تمثيل للواقعية بدون حركة، وهى تضم التصوير الفوتوغرافي في الصور والشرائح والأفلام الثابتة والرسوم الفنية وغيرها، ويتفاعل فيها المتعلم بالمشاهدة.
10- الراديو والتسجيلات الصوتية:
ويتفاعل فيها المتعلم بحاسة السـمع فقط أي بالاستماع.
11- الرموز البصـرية:
وتشمل الرسـوم السـبورية واللوحات والرسـوم التخطيطية والخرائط، وهى تحتوى على رموز لها دلالة معينة، وبالتالي فالمتعلم يتفاعل معها ويستقبل منها عن طريق معرفة الرموز التي تتضمنها، وتصاغ محتوياتها بدلالتها، فمثلاً في الخرائط التي تحوى التوزيعات السكانية نجد أنها تحتوى رموزاً عديدة يتعين على المتعلم قراءتها ومعرفة دلالتها ومعناها حتى تؤدى الخرائط وظيفتها التعليمية كوسيلة للاتصال الرمزي.
12- الرمـوز اللفظـــية:
هي قمة المخروط، وهى تعبيرات بالرموز عن الكلمات، فالرمز اللفظي مرتبط بفكره أو شيء بغرض الدلالة والإشـارة. ونسـتخدمها دون الرجوع إلى ما ترمز إليه إلا في حالة البحث عن المعنى والدلالة، لِـذا فإنها مجردة من كل شيء من الواقع، ومن أمثلتها الألفاظ والمفاهيم، ويتفاعل معها المتعلم بتداولها والبحث عن معانيها ومدلولاتها، ويرى بعض علماء النفس المعروفين أن بعض الرموز اللفظية تكون محسـوســة، مثل كلمة "قط"، فهي لفظية محسـوسـة لأن لها شيء واقعي هو نوع من أنواع الحيوانات الأليفة، أما كلمة "كرامة" فهي مجردة لأنه ليس لها واقع ملموس.
ونخلص من هذا الجزء الخاص بنوع الخبرة ومصادر التعلم أن مصادر التعلم (من الوسائط والمواد التعليمية، وغيرها ....) تتوزع وتتنوع لتهيئ مواقف خبرة يتفاعل فيها المتعلم، وهذه المصادر والخبرات التي تهيئها تنتظم في شكل مخروط، هو مخروط الخـبرة، ويمكن تقسـيم الخبرات إلى ثلاثة أنواع هي:
1. الخبرة المباشـرة:
وهى تمثل الخبرة الهادفة المباشـرة في الواقع وهى قاعدة المخروط - مخروط الخبرة، ويتفاعل فيها التلميذ بالأداء والعمل.
2. الخبرات البديلة:
وهى تلك الخبرات التي تقع بين الرموز البصرية في قمة المخروط والخبرات المباشرة في قاعدة المخروط، أى الخبرات من رقم (4) إلى رقم (10) في المخروط، ويتفاعل فيها المتعلم بالاستماع والمشاهدة.
3. الخبرات المجردة:
وهى الخبرة الرمزية اللفظية التي تعتمد على الكلمات المجردة، وتقع في قمة المخروط، ويتفاعل فيها المتعلم بالتعامل مع الرموز والمعاني، وطبقاً لهـذا التقسـيم تنقسـم أيضاً مصادر التعلم المهيأة لها، لاحظ أن النوع الثاني والثالث من هذا التقسـيم نطلق عليه "الخبرات غير المباشـرة" في دراسـتنا لموضوع الخبرة في تصميم المناهج.
(2) تصنيف وسائط ومصادر التعلم تبعاً لمجالات الأهداف:
لاشك أن مصادر التعلم من مواد ووسائط تتفاوت في فعاليتها في إحداث التغيير في جوانب السلوك، فإذا اعتبرنا مجالات السلوك والأهداف هي المجال المعرفي العقلي والوجداني الانفعالي وأخيراً المجال النفسي-حركي فإن البعض(2) يرى أن مصادر التعلم تتفاوت في فعاليتها في هـذه الجوانب.